تاريخ ماري طويل جداً: ثلاث مدن متوالية تطورت على ضفاف الفرات (من المدينة الأولى حتى الثالثة) وبنيت كل واحدة منها على أنقاض سابقتها.

المدينة الأولى (٢٩٠٠ – ٢٥٥٠ قبل الميلاد)

نشأت المدينة نتيجة لعملية استثنائية: تأسست المدينة من العدم ضمن وادي الفرات السوري وذلك للإشراف على المبادلات والاستفادة منها، وهي على محور كبير للمواصلات ـ محور نهري وأيضاً بري- بين الأناضول وجنوب بلاد الرافدين. لاتزال هذه المدينة الأولى التي تعتبر من أقدم المدن في تاريخ الشرق الأدنى غير معروفة لكن الأبحاث الحديثة أظهرت أنها منطقة تجارية ومركز نشط للحرف النحاسية والبرونزية.

المدينة الثانية (٢٥٥٠ – ٢٣٠٠ قبل الميلاد)

المدينة الثانية هي نتيجة لإعادة تأسيس حضري بالكامل: تعد ماري إحدى العواصم الكبرى في وسط بلاد الرافدين، وكان لها علاقة وثيقة وأحياناً صدامية مع إيبلا في الغرب، وكيش وأور في الجنوب الشرقي. وتشهد اللقى الوفيرة التي عثر عليها في أماكن العبادة على ثرائها وأصالتها. هي عاصمة سياسية كبرى، ولكنها أيضا مركز مهم لإنتاج المعادن كالنحاس أو الذهب وهي أيضاً مركز فني رائد. من المرجح أن المدينة الثانية دمرت على يد سرجون الأكادي حوالي عام ٢٣٠٠ قبل الميلاد.

المدينة الثالثة (حوالي ٢٢٥٠ - ١٧٦٠ قبل الميلاد)

تمت إعادة إعمار عموم المدينة تدريجياً، مما أدى لنشوء المدينة الثالثة على يد الـ شاكاناك (وهم في الأصل ولاة أكاديين)، استقروا بها لتشكيل سلالة قوية، وتعطيهم التماثيل الموجودة في أنقاض القصر صورة، كما تسمح ودائع التأسيس بتتبع مراحل إعادة إعمار المدينة، التي أدت إلى أن تسترد ماري مكانتها كعاصمة شمالية. سعت ماري وبدون جدوى للحفاظ على مكانتها المهيمنة بعد أن غزتها قبيلة أمورية في عام ١٨٣٠، وقبل خضوعها لضربات حمورابي بابل. سكن التل بشكل متقطع في المراحل التي تلت فتراته القديمة، وكان بمثابة مقبرة إلى أن أعيد اكتشافها عام 

الشركاء والمؤلفون