يعطي الكتاب المقدس مكانة خاصة لبابل: كانت بلاد الرافدين، إلى جانب مصر، القوة الشرقية الأخرى التي أثرت على مصير إسرائيل خلال تاريخها.

من الواضح أن الحلقة الرئيسية هي الاستيلاء على القدس وتدميرها من قبل جيوش الملك نبوخذ نصر الثاني عام ٥٨٧ ق.م، يليها سبي جزء كبير من سكان يهودا وتوطينهم في بابل، إلى ان سمح لهم قورش عام ٥٣٩ بالعودة إلى ديارهم.

أدى توطين اليهود المرحلين إلى بابل إلى نشوء جالية مستقرة لربما وصل عديد أفرادها إلى عشرات الآلاف في النصف الثاني من الألف الأولى قبل الميلاد. بالإضافة إلى مشاركتهم في الأنشطة الاقتصادية المحلية، ولا سيما الأنشطة الزراعية، قام يهود بابل الذين احتفظوا بمراجعهم الدينية بتطوير شكل مكتوب من الكتاب المقدس وممارسة شعائرهم مما جعل منهم دين الكتاب الأول، لكنهم فقدوا أطرهم السياسية ومكان عبادتهم.

لم تذب الجالية اليهودية في البوتقة المحلية، لكنها كانت في اتصال مستمر مع سكان بابل، وقد احتفظت بهوية عرقية ثقافية قوية، بل ومتطورة، بينما أدرج عدد من الإشارات الرئيسية إلى بلاد الرافدين في الكتاب المقدس، حيث وصفت بـ (البلد الكلداني) منذ أن ذكرت أور الكلدانية كوطن لعائلة النبي إبراهيم إلى المغامرات الرومانسية للنبي دانيال في مواجهة الملك نبوخذ نصر الثاني، وقصة سوسنة العفيفة.

تظهر مدينة بابل في هذا السياق كمكان رئيسي في تاريخ البشرية مع قصة برج بابل التي تعكس تنوع الشعوب واللغات وهي السمة العالمية للعاصمة الإمبراطورية في القرن السادس قبل الميلاد، ولكن في التقاليد الثقافية والفنية الغربية تم اعتبار المبنى على انه رمز لتنوع اللغات ومحاولة (غير محمودة) للوصول إلى السماء حيث تقيم الآلهة: يتم تصوير البرج في وسط الصحراء أو في مدينة معاصرة للفنانين، بشكلها المستدير المستوحى من مئذنة سامراء وليس من الأهرامات المتدرجة (الزقورات).

رأى مفكرو اليهودية في بابل أيضاً أشكالاً من العبادة الشركية التي تمثلت بشدة بالتمثيل المادي للآلهة المحلية، الذين طوروا نقداً قاسياً لها في المؤلفات التوراتية مثل رسالة إرميا والتلمود البابلي، وغالباً ما يتم تجسيد مدينة بابل في الكتاب المقدس بشكل أنثوي متصفة برفاهية صاخبة ولاأخلاقية، ولكن أيضاً متجسدة بوعد يهوه لها بمصير هالك عندما عكس مسار التاريخ: غزا الفرس الإمبراطورية البابلية الحديثة عام ٥٣٩ ق.م وأصبحت بابل عاصمة اقليمية بسيطة.