بقي معبد بل محطّ الشغل الشاغل لروبرت آمي. وقد شكل كشف وترميم المعبد ثم النشر، المراحل الكبرى في مسيرته المهنية. بعد مرورعدة سنوات تخللتها (صعوبات في التأويل وفي إعداد النسخ المطابقة، وفي تشعّب وتعدد الرسومات التي كان يجدر تنفيذها، وكذلك انشغالاته المهنية بعد عودته إلى فرنسا، مما سبب تأخيراً ملحوظاً)، أدت هذه المهمة الشاقة إلى تحقيق ما يمكن أن نسميه تحفته المهنية الرئيسية. تجسدت هذه التحفة في إنجاز صفيحات بحجم ملفت لمعبد بل في تدمر، عام ١٩٦٨ والإسهام في مجموعة النصوص والصور التي تعود إلى تلك الحقبة والتي نشرت عام ١٩٧٥.

إن الإسهامات التي تشهد على عمل روبرت آمي في موقع تدمر الأثري نادرة. لا يملك أبناؤه الذي ولدوا جميعهم أثناء الحرب في دمشق أو في بيروت، بعد زواجه في شهر أيار ١٩٣٩، أي أثر مكتوب عن إنجازاته. كما كانوا ما يزالون صغاراً في السن ليحتفظوأ بأي ذاكرة عن تلك المهمات. وحدها دفاتر وألبومات صور العائلة تبين ما كانت عليه الحياة اليومية على هذا الموقع الأثري. بعد إخلاء السكان المحليين المقيمين في أطلال المدينة، طلب روبرت آمي تشييد منزل في زاوية النطاق الخارجي الكبير للمعبد.

تم استخدام هذا المنزل كمكتب ومقر إقامة لعائلته ويمكن رؤيته بوضوح على الصور الجوية للموقع إذ أنه كان مطلياً باللون الأبيض. كرس روبرت آمي معظم وقته إلى عمله كمهندس معماري وعالم آثار ورئيس ورشة العمل الخاصة بعمليات الترميم. لكن الصور العائلية الملتطقة في تلك الفترة تبين أنه كان مكلفاً أيضاً، بصفته مسؤولاً عن الموقع، باستضافة الوفود الرسمية وتوجيهها مع زوجته نورين. وكان يقوم برفقة زوجته بزيارات متكررة إلى دمشق وبيروت. منذ إقامتهما في تدمر، أصبحاً جزءاً من المجتمع الفرنسي الصغير المقيم في المدينة المجاورة وكانا على تواصل مع صاحبة فندق زنوبيا، مارغا داندوران، التي كانت تتميز بشخصيتها المغامرة القوية.