سوريا قبل ٢٠٠٠ عام

تدمر

تشكّل تدمر (واحة النخيل، أو بالميرا) نقطة التقاء لشبكة من الطرق التي تعبر البادية بفضل موقعها في شمال غرب البادية السورية. وردَ ذكرها في السجلات التاريخية - للمرَّة الأولى - في الألفية الثانية قبل الميلاد، لكنها عرفت مجدها خلال الحقبة اليونانية الرومانية ، وارتبط اسمها في ما بعد وبشكل نهائي بملكتها الشجاعة زنوبيا.

Temple de Bêl, 1995. Palmyre

يعود نشوء تدمر والمعروفة أيضاً باسم بالمير، إلى حوالي القرن التاسع عشر قبل الميلاد. تشير الكتابات القديمة أن المدينة كانت كانت واحة نخيل تقع على حدود مملكتين عظيمتين في تلك الفترة هما مملكة ماري ومملكة قطنا الأثرية، مع أنه لم يتم العثور على معالم تعود لتلك الحقبة القديمة.

مدينة من الإمبراطورية الرومانية

تم ضم تدمر (بالميرا)  إلى الإمبراطورية الرومانية في حوالي القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وأصبحت جزءاً من ولاية الشام، فتم تزويدها حينذاك بالعناصر التأسيسية التي تميزت بها المدن الرومانية حيث غدا مركز المدينة مجمعاً لأهم المراكز والمباني العامة مثل ساحة السوق وشارع الأعمدة والمعابد والمسارح والحمامات.

مدينة شرقية 

تكتنف تدمر آثار وبصمات رومانية لا يمكن تجاهلها. على الرغم من تأثر هندستها بالمزايا المعمارية الشرقية إلى حد كبير، إلا أن معبد بل يشكل نموذجاً واضحاً على تراثها المعماري والأثري المزدوج. إن المخطط المعمّد الذي شُيِّد عليه المعبد هو مخطط روماني محض. لكن مدخله الواقع في الغرب والتماثيل الإلهية التي وضعت في كوات عالية ومترادفة تتناسب مع تقاليد معمارية وهندسية محلية.  

تدمر وملكتها الشجاعة زنوبيا

تعتبر زنوبيا، زوجة الملك أذينة، شخصية أسطورية ورمزية في تدمر. بعد اغتيال زوجها عام ٢٦٧، دخلت في صراع مع الإمبراطور أورليان عام ٢٧١ الذي امتنع عن نقل اللقب الذي حمله زوجها إلى ابنها وهب اللات الذي كان ما يزال صغيراً في السن. قادت زنوبيا جيش مملكة تدمر العظيم قبل أن تتلاشى قواه عام ٢٧٢. حوصرت تدمر وأُسرت زنوبيا ونقلت إلى روما حيث جسّدت أحد أهم انتصارات أورليان.

زوال مجد تدمر

أخذت جاذبية المدينة تتراجع وتضمحل بعد أعمال السلب والنهب التي تعرضت لها تدمر عام ٢٧٢. وعلى الرغم من إعادة بنائها وتزويدها بقاعدة عسكرية للجنود الرومان، إلا أن الحركة التجارية مع الهند عبر الخليج الفارسي تلاشت أمام تطوّر طريق برية أخرى عُرفت في ما بعد بطريق الحرير.

أبحاث دولية

قاد عالما الآثار الألمانيان أتو بوشتاين وثيودور فييغاند، أعمالاً عامة للتنقيب الأثري عام ١٩٠٢ وعام ١٩٢٧. في ١٩٢٩، وبدأ الفرنسي هنري سيريغ عملية تنظيف عميق للموقع.  استضافت تدمر اعتباراً من عام ١٩٥٨علماء آثار بولنديين وفرق عمل منتدبة من قسم الآثار السورية وبعثة فرنسية بقيادة كريستين دولابلاس بين عامي ٢٠٠١ و٢٠٠٨.

توقفت أعمال التنقيب منذ عام ٢٠١١ بعد اندلاع الصراع في سوريا. تُحفظ مجموعات أثرية هامة من تدمر في قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر.

 

لمزيد من الاطلاع

يمكن مراجعة المقال حول تدمر على موقع مكتبات شرقية (مجموعة "تراث مشترك" التابعة لمكتبة فرنسا الوطنية) أو الاطلاع مباشرة على الوثائق.

 

يأتي هذا الموقع امتداداً لمعرض من تدمر إلى باميان، مواقع أثرية خالدة، الذي أقيم في القصر الكبير في الفترة من ١٤ ديسمبر/كانون الأول إلى ٩ يناير/كانون الثاني ٢٠١٧، الذي قدم فرصة للدخول إلى صميم أربعة مواقع أثرية كبيرة معرضة للخطر، مرتكزاً على أعمال الرفع الهندسي ثلاثي الأبعاد من إعداد شركة إيكونيم لتوثيق التراث الأثري.

 

من جانب آخر، تشكل مكافحة أعمال النهب والاتجار غير المشروع للممتلكات الثقافية إحدى الأولويات المحورية لوزارة الثقافة، التي تولي اهتماماً بالغاً لمجموعة هذه الإشكاليات خاصة في إطار الدور السيادي الذي تضطلع به للسيطرة على عمليات تداول الممتلكات الثقافية.